إذا كانت الشركات المتعددة الجنسيات قد اكتسحت العالم بالعلامة التجارية (الماركة) فإن السينما قد اكتسحته بالرمز الثقافي (الأيقونة الثقافية) الذي يكون حيناً ممثلاً سينمائياً أو بطلاً خارقاً خيالياً.
تقوم الآلة الإعلامية هوليود بصناعة هذا الرمز الثقافي العابر للزمان والمكان، عابر للزمان بقدرته على حلحلة الموروث الثقافي وقدرته على توريث نفسه ثقافياً من جيل لآخر، وعابر للمكان بقدرته على اختراق الثقافات في أداني الأرض وأقاصيها. ولكي يأخذ هذا الرمز فعاليته يتم ترسيخه بأكثر من وسيلة ضمن تجارة مربحة فنراه في القصص والروايات والأفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة والأدوات المدرسية : كراسات الرسم والتلوين والأقلام وحاجيات الأطفال والألعاب وألعاب الفيديو وأزياء التنكر، ونراه مطبوعاً كذلك على ملابس الأطفال في صدورهم.
كل إناء بما فيه ينضح، وكذلك كل رمز ثقافي بمحتواه المرمز إليه ينضح. فما المتوقع إن كان الصانع للرمز هوليود؟! هوليود ذلك العالم المرتكز على ثقافة مادية إلحادية تستبدل بالإله الأوحد آلهة شتى من مادة وغريزة وعلم وطبيعة. هي جناية والله أن نتلقى ونستهلك هذه الرموز الثقافية ثم نعطيها بجهالة وسذاجة لأبنائنا كيما يستهلكوها من باب الترفيه ليتشكل بها وجدانهم ومفاهيمهم، ثم نستغرب بعد ذلك شيوع أفكار غريبة وكأنها هبطت على رؤوس الأطفال والشباب من غير مقدمات. عزيزي القارئ لا تستغرب من عقل وعاطفة ربتها الأم هوليود وغذّتها بلبن أبيض جميل في لونه أسود خبيث في حقيقته كعادتها في التزيين والتزييف. أتزرع شوكاً ثم تنتظر العنب؟! أترى حين تفقأ عينيك.. ثم تثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى..؟